الجزء الثاني
من براديغم هجين الى براديغم اكثر تحديدا
من الكفايات الى المعايير Competency-Based Education to Standards-Based
Education
حمودي نورالدين |
بدا اصلاح المنظومة التربوية بعد صدور قرار رئيس
الجمهورية عبدالعزيز بوتفليقة في 09 ماي
2000 المتعلق بإنشاء اللجنة الوطنية لإصلاح المنظومة التربوية حيث جاء في الجريدة الرسمية عدد 27 بتاريخ 10
مايو سنة 2000 صفحة 5 ان اللجنة تتكون من :
رئيس اللجنة وهو عبد الرحمان حاج صالح
نواب الرئيس بن علي بن زاغو
خليدة مسعودي
الطاهر حجار
إبراهيم حروبية
وتتألف اللجنة من 158 عضو وكان من بين أعضائها الوزيرة بن غبريط , رشيد
بوجدرة ...وكثير من المدراء والاداريين التابعين لمختلف القطاعات الذين ربما لا
يملكون علما في هكذا مواضيع
واذا تمعنا في أعضاء
اللجنة نجد انهم ليسوا كلهم من ذوي المقام الرفيع في العلم بل منهم من لم ينل أصلا شهادة جامعية , فقد كانت خليط غير متجانس وان كان لونه يميل
الى تيار محدد معروف في الجزائر ربما هذا
الامر الذي جعل من رئيس اللجنة البروفيسور عبد الرحمان حاج صالح وهو ذا قامة علمية مرموقة ان يقدم استقالته مبررا استقالته في حوار مع جريدة الشروق
21-03-2010 بقوله : انسحبت من لجنة إصلاح المنظومة التربوية بسبب التيار الفرنكفوني , حيث
يصرح بالحرف الواحد :
عينت
رئيسا للجنة، لكن وقعت أمور في كواليسها جعلتني أعتذر وأغادرها، فقد وجدت نفسي
وحيدا ضمن تيار يدعو لفرنسة كل مراحل وأطوار التعليم، وكنت الوحيد بين أكثر من 150
عضو، الذي أدعو إلى تعريب التعليم، فلاحظت أنني لا أستطيع تغيير الأمر فخرجت
واتجهت لاستكمال مشروع الذخيرة.
عندما يقول عبد الرحمان حاج صالح هذا
الكلام وهو من هو هذا يعني ان هناك خلل
كبير في تركيبة اللجنة الوطنية ذلك ان
هذا العالم الذي في عام 1966 كان أستاذا
زائرا بجامعة فلوريدا الأميركية، وفي عام 1979 حصل على شهادة الدكتوراه في
اللسانيات العربية من جامعة السوربون بفرنسا وله عدد كبير من المؤلفات ويشهد له الكثير من المفكرين بعبقرتيه ويمكن لأي قارئ ان يدقق في سيرته العلمية ليكتشف مدى
عظمة هذه الشخصية التي توفت في 2017 وقد نعاه الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في رسالة أثنى فيها
على الرجل، واعتبره قامة في علوم اللغة واللسانيات، وأنه أمضى جل عمره منقباً
وباحثاً في لغة الضاد.ان استقالة البروفيسور عبد
الرحمان حاج صالح كان مؤشرا ذا دلالة على مدى الصراع الأيديولوجي الشرس الذي كانت
تعيشه اللجنة دون ان يخرج صداه الى عامة الشعب الذي كان يعنيه الامر أولا وأخيرا .
بعد
استقالة عبد الرحمان حاج صالح تم تعين بن علي بن زاغو وعرفت بعد ذلك بلجنة بن زاغوا
وكان من بين نواب الرئيس شخصية معروفة بعدائها لشريحة
واسعة من الشعب الجزائري , وهي خليدة
مسعودي فهذا التعيين لا يمكن هضمه فقد كان
تكوينها كأستاذة تعليم ثانوي تخصص رياضيات وليس كمختصة في تصميم وبناء البرامج او
مختصة في الدراسات التربوية كذلك لم يعرف
عنها انها تتمتع بإنتاج فكري غزير , فحتى ما سمي بكتاب كان عبارة عن لقاء صحفي مع
صحفية من أصول جزائرية وتم طباعته تحت اسم -جزائرية واقفة- . لكنها كانت مرتبطة
ثقافيا بفرنسا وكانت الناطقة باسم الرغبة الفرنسية واهدافها في الجزائر
ان التركيبة العامة للجنة توحي ان الهدف منها لم يكن بناء مدرسة جزائرية اصيلة
بقدر ما كان الهدف منها تمرير سياسات لا تتماشى وطبيعة المجتمع الجزائري .
فبعد تصريح عبد الرحمان حاج صالح
عن سبب استقالته في جريدة الشروق ,هناك عضوا اخر كان في اللجنة الوطنية لإصلاح المنظومة
التربوية وهو الأستاذ رابح خدوسي ففي حواره مع مجلة
الحوار السياسي بتاريخ 22-09-2020 مع الصحفية مليكة ينون يؤكد الأستاذ رابح خدوسي بأن
الإصلاحات التربوية التي قدمت في التقرير ليست إصلاحات جذرية شاملة، بل هي عبارة
عن ترقيعات تشبه إصلاح اللجنة الوطنية للبرامج والمناهج التي تشتغل منذ سنوات
بوزارة التربية الوطنية،
ويقول رابح خدوسي “اللجنة الوطنية لإصلاح المنظومة التربوية،
عانت من سلطة رئيس مكتبها، وبعض نوابه في توجيه مسار النقاش، حسب ما يريدونه، وقد
توقف هذا الأسلوب بعد سلسلة الاحتجاجات من بعض النواب”، مبرزا بأن الفئة المعربة
اتكالية وانهزامية في معظمها، وتفتقر في كثير من الأحيان إلى التنميق والتكتيك،
والعمل المنهجي الاستراتيجي، ولا تتحرك إلا بعد مرور الوقت، أو الشعور بالخطر،
فيما أعاب على دعاة الديمقراطية في اللجنة، بأنهم يتجاهلون قيم الديمقراطية.
ويكشف الكاتب رابح خدوسي، عما حدث بالتدقيق والتفصيل في
اللجنة، وكيف تم تسجيل تجاوزات فاضحة، انعكست سلبا على مدرستنا، ومستوى التحصيل
العلمي لتلاميذنا.
في نفس المقالة يصرح أيضا مسعود عمراوي النائب وقيادي في نقابة
كناباست ان : بعد
مجيء نورية بن غبريط، تم تنظيم ندوة وطنية لإصلاح التعليم الإلزامي، فخرجت بــ450
ملاحظة أي نقائص، وكنا ننتظر أيضا تقييم مرحلة التعليم الثانوي، وفجأة وجدنا
أنفسنا أمام ندوة وطنية لتقييم إصلاح المدرسة الجزائرية بقصر الأمم، بنادي الصنوبر
يومي 25 و26 جويلية 2015 بحضور 800 مدعو، التي لا علاقة لها أصلا بالندوة
المرتقبة”، وحتى إحدى الورشات الــ 10 المتعلقة بالتعليم الثانوي، حسب عمراوي “لم
تتطرق أصلا للمحاور التي حُضّر لها في المؤسسات التربوية والندوات الولائية
والجهوية، فخرجت هذه الندوة بــ 250 توصية”.
وكانت هذه التوصيات، في اعتقاد عمراوي، سبب “ادعاء بن غبريط
إقرار ترسيم اللهجات العامية في الأقسام التحضيرية والسنتين الأولى والثانية
ابتدائي”، فضلا عن “استقطاب ما يسمى بخبراء من مدينة
مرسيليا لإصلاح “الإصلاحات” في سرية تامة وتعتيم كلي”. ومع أنهم، كما يكشف “كلهم
مفتشون في التعليم الابتدائي، إلا أنهم أسند إليهم تكوين مفتشينا في التعليم
الثانوي، ونتيجة لضعفهم، وعدم إلمامهم بالمقرر الدراسي للتعليم الثانوي، وعجزهم عن
الإجابة عن تساؤلات مفتشينا، صارحوهم بأنهم متخصصون في التعليم الابتدائي”، وحاولت
بن غبريط – يقول عمراوي – “فرنسة ثانوية بوعمامة، استجابة لكريستينا روبالو
كوردييو مديرة مكتب الوكالة الجامعية للفرانكوفونية بالمغرب العربي، التي كشفت عن
مساعٍ تقوم بها هيئتها لدى وزارة التربية الوطنية، من أجل اعتماد اللغة الفرنسية
للتدريس في الطور الثانوي بالجزائر”، وأكدت كريستينا “أن وزيرة التربية الوطنية
نورية بن غبريط، استقبلتها شخصيا بالجزائر العاصمة”.
وسعت بن غبريط إلى “حذف مادة الشريعة الإسلامية في امتحانات
البكالوريا، وإدراج قرص مضغوط لتكوين مفتشي جميع الأطوار، يتضمن رموز الماسونية
العالمية، فضلا عن حذف البسملة من مقدمات الكتب المدرسية، وقبل طباعة الكتب كانت
الوزارة تكذب الخبر المتداول، وبعد الطباعة قال ممثلها نحن لا نطبع مجلات دينية
للتلاميذ” ومن قرارات بن غبريط يبرز عمراوي “نزع الخمار أثناء الفروض والامتحانات،
وقد أُقحم النقاب للتمويه، لأنه لا يوجد أصلا تلميذات يستعملن النقاب في مختلف
مراحل التعليم، ليمنع التعرف عليهن”، وكان هم بن غبريط “فرض اللغة الفرنسية كمادة
إلزامية في كل الامتحانات المهنية، بدل جعلها اختيارية مع اللغة الإنجليزية، مثلما
كان معمولا به سابقا، إلى جانب الاستعجال في طبع الكتب ولمستويين في كل طور في سنة
واحدة، الشيء الذي انتقدته في إصلاحات 2003، فنفس الظروف أعادته الوزيرة، ما جعل
مشروعها يحمل عوامل فنائه.
فالخلاصة التي يمكن ان
نستنتجها ان اللجنة والوزارة لم تكن تهدف الى إصلاحات بقدر ما كانت تعمل على أدلجة
-
Ideologicalization -المنظومة التربوية وجعلها في صراع مع المجتمع عوض ان تكون عونا
للمجتمع ورافدا من روافد النهضة والتقدم . فتقسيم كارل مانهايم Mannheim الأيديولوجيا إلى مستويين: المستوى
التقويمي الذي يعني ببناء الوعي والأفكار، والمستوى الدينامي الذي يقيس الأحكام عن
طريق الواقع
, فإذا كانت المدرسة متجاوزة للواقع ومنقطعة عنه فهي حتما ستدخل في صراع وجودي مع
المجتمع
يتبع.........
Bibliographie
الشروق اون لاين. (2010).
سليمان, س. (29/06/2015). أدلجة العقل الإنساني. Récupéré sur
https://www.noonpost.com/content/7343.
تعليقات
إرسال تعليق