المدرسة في زمن جائحة كورونا هل دخلت المدرسة عصرها الثاني؟
منذ 5000 سنة عندما ظهرت المدرسة لأول مرة في التاريخ على
يد السومريون كان الطلبة يتعلمون على يد أساتذة أو الحكماء بتسمية ذلك العصر الكتابة
والقراءة وبعض فنون العلم من طب وأخبار الشعوب وجغرافيا وفلك والحساب وغيرها من العلوم
وكان الطلبة من فئة الموظفين وأبناء النبلاء والحكام والتجار القادرين على دفع تكاليف
التعليم وسلكت حضارة الفراعنة نفس المسلك فكان نظامها أكثر تقنينا من السومريين فـ
(بر-عنخ) بيت الحياة هو اللفظ الذي كان الفراعنة يطلقونه على المدرسة. في البداية كان
التعليم على الملوك والنبلاء والعسكريين ورجال الدين ثم بدأت دائرته تتوسع ليشمل فئات
أخرى من الشعب
وكان (سباو) وتعني النجم أو المرشد باللغة الفرعونية تسير
إلى المدرس أو المعلم فكانت قيمته محفوظة وكريمة عند الفراعنة.
واستمر تطور المدرسة ونظامها مع مرور الزمن وتعاقب الحضارات
من اليونانية والفارسية والرومانية والإسلامية وكل حضارة تضيف وتعدل وتصقل وتطور من
نظامها التعليمي إلى أن وصلنا إلى النظام الحالي الذي نعرفه اليوم.
لكن جوهر المدرسة لم يتغير حضور الطلبة او التلاميذ مع مدرسهم في محيط محدد
يتم فيه تنفيذ العقد الديداكتيكي المبرم سيقوم المدرس او المنشط او الوسيط حسب
المنهاج بتلقين او تحفيز او تبسيط المعرفة للمتعلم بطرق ووسائل معينة وسيخضع
المتعلم لتقييم او تقويم او امتحان وبالتالي المدرسة ستكون معرفة هكذا: مؤسسة
يستعملها مجتمع الراشد لقولبة الناشئة نفسيا اجتماعيا ثقافيا معرفيا سلوكيا وفق
غايات واهداف محددة من طرفه ليضمن استمراره.
فمنذ أكثر من 5000 سنة والمدرسة لها نفس الهدف وهو اعداد الصغار حسب طلب الراشدين
وان اختلفت المقاربات التربوية لكن غاياتها تصب في الخانة نفسها وهي صناعة النشء.
والمدرسة كنسق مفتوح فهي عرضة لتغييرات والصراعات وتجاذبات
فنراها أحينا تعيش استقرار وأحينا أخرى تعيش اضطرابات وأزمات فكانت الحربين العالميتين
أكبر أزمة عاشتها المدرسة في النصف الأول من القرن العشرين.
ولكن بعد مرور سبعون سنة ظهر تحدي آخر يختلف تماما عن التحديات
السابقة
فهو لا يهدد المدرسة بانقطاع مؤقت ولكنه يريد أن يفرض تصورا
وشكلا ونمطا جديدا للمدرسة. خاصة إذا استمرت وتفاقمت الظاهرة ... انها جائحة
كوفيد 19.
نعتقد كمهتمين بالتعليم والتكوين ان هذا التهديد يتجاوز حد انقطاع عن
التعليم الى الخوف من التعليم والتكوين في حد ذاته نتيجة الية الازاحة النفسية.
هناك بعض الدول بدأت بالفعل بإعداد مخطط الرجوع وقامت بوضع خطة التباعد بين
التلاميذ في الأقسام وتعليمهم او تدريبهم على اتباع الإشارات الموضوعة على الأرضية
على شكل أسهم وهنا كأني أرى أطفالنا في مدارس سياقة السيارات او قل إن شئت مركز
تدريب عسكري لكوريا الشمالية او الصين
وطبعا هذا لا يكون لأنه مخالف لحرية وعفوية الأطفال. إضافة الى ذلك شعور
النفسي للتلاميذ والطلبة والاسر والطاقم المؤطر من أساتذة وإداريين بغياب الاريحية
والخوف من العدوى، فالمدرسة باتت مكانا ليس امنا فهي لم تعد مثل السابق وبالتالي
نشاهد نشرات توعية مستمرة لتلاميذ ولأسرهم ولطاقم المشرف على الوجوب احترام الصارم
للقواعد الصحية ويعني هذا ان التعليم يتم في بيئة غير امنة.
ارهاصات العصر الثاني للمدرسة.
يتبع في المدونة الثانية
تعليقات
إرسال تعليق